روائع مختارة | قطوف إيمانية | التربية الإيمانية | أطفالنا...والخبز المحروق

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > التربية الإيمانية > أطفالنا...والخبز المحروق


  أطفالنا...والخبز المحروق
     عدد مرات المشاهدة: 3475        عدد مرات الإرسال: 0

في دورة تدريبية لممارسة -فن الوالدية- سأل خبير تربوي ثلاث أمهات من المشاركات وقال لهن: لو حدث أن أَعدّت كلّ منكن ذات صباح طعام الإفطار لزوجها، وفجأة رنّ الهاتف وبكى طفلها، وإحترق الخبز!!!

وعلّق الزوج قائلاً: متى ستتعلمين كيف تحمّرين الخبز دون أن تحرقيه؟؟! ماذا سيكون رد فعلكن؟

*أجابت الأولى: سأرمي الخبز فورًا في وجهه.

*وقالت الثانية: سأقول له: إنهض وأعدّ الخبز بنفسك.

*وقالت الثالثة: سيجرح تعليقه مشاعري، وسأشعر أني على وشك البكاء.

هنا سألهن: وماذا سيكون شعوركن نحو أزواجكن؟

أجابت الأمهات الثلاث معًا: الغضب والكراهية والإحساس بالظلم.

ثم قال لهن: وهل سيكون من السهل عليكن إعداد خبز آخر له؟

ردت جميع الأمهات معًا: لا، بالطبع لا.

عاد يسألهن: وإذا خرج الزوج إلى العمل، هل سيكون من السهل عليكن القيام بشئون المنزل بنفس مُنْشرحة؟

*ردت الأولى: لا سأكون متضايقة طول النهار.

*وقالت الثانية: لا لن أعمل شيئًا ذلك اليوم.

*قالت الثالثة: سأقوم بوجباتي، ولكن بضيق.!!!

سأل الخبير: لنفترض أن زوجك قال: يبدو أن صباحك اليوم متعِب.. الهاتف يرن.. والطفل يبكي.. والآن يحترق الخبز.!! ماذا سيكون رد فعلكن؟

أجابت الأمهات: سنشعر بالرضا والسعادة.

أجاب الخبير: ما الفرق؟

فقالت إحداهن: سأشعر بالامتنان، لأنه لم ينتقدني وإنما فهم مشاعري ووقف معي لا ضدي.

عاد الخبير يقول: وإذا قال لك زوجك دعيني أريكِ كيف تقومين بتحمِير الخبز!!!

هنا صرّخت الأمهات: لا اااا هذا الزوج أسوأ!! لأنه سيجعلنا نشعر كأننا حمقاوات.

تبسّم الخبير وقال: دعونا نطبّق ما حدث، لكن على طريقة معاملتكن لأبنائكن:

هنا أدرك الأمهات سرّ عناد أبنائهم وأدركوا كذلك لماذا كان الإبن يغضب عندما تقول له أمه دَعْني أريك كيف تفعل هذا وذاك.!!

والقصّة رمزية، وكما أنها خاطبت الأمهات فإنها تخاطب الآباء!!

الأطفال نعمة عظيمة..

هم فلذات الأكباد..

وهم الأمل المزهر..

وهم الشعار والدثار!!

كثيراً ماتكثر شكوى الآباء والأمهات من أطفالهم، في كل نادٍ وفي كل مجلس، وأن الأطفال هم المسؤولون بالدرجة الأولى عن سلوكياتهم الخاطئة -سواء في ذلك سلوكهم مع ذوات أنفسهم أو حتى مع غيرهم-!!

ولقد لفت نظري قرارا أصدرته محكمة بريطانية تقضي بعقوبة أولياء أمور الأطفال المشاكسين -ليس سجناً وراء القضبان- وإنما على مقاعد التدريب في دورة مهارية في كيفية التعامل مع الابن المشاغب!!!

ترى كم من الآباء اليوم يحتاج للعقوبة؟!

إن الطفل يحتاج أن يشعر بالأمان من جهة والديه -خاصة- بحاجة إلى الفهم والمشاركة ليتجاوز الخطأ الذي وقع فيه!!

نحن بحاجة أن نغرس في أبنائنا سمة التغيير -على أن سمة التغيير هي سمة فطرية في الغالب- لكن بدافع إيجابي!!

إن الأب أو الأم قد يستطيع أحدهما أن يغيّر في سلوك طفله بالضرب والعقاب والخصام والصراخ، أقول: ربما يتغيّر سلوك الطفل لكن السمة في داخله لن تتغير!!

هو يحجم عن الخطأ خوفاً من الضرب لا من دافع قناعة نفسية بأن هذاالأمر خطأ!!

وربما حدا بهم هذا التّشنيع إلى آثار تربوية سيئة كالكذب والمراوغة والمخادعة تخلّصاً من علقة ساخنة!!

أبناؤنا قد يخطئون ولا يشعرون أنهم واقعون في خطأ ويفاجئون بتعالي الأصوات من حولهم تؤنبّهم وتوبّخهم توبيخاً لاذعاً!!

والطفل هنا يتأثر نفسياً وسلوكياً من طبيعة تعامل والديه معه عند الخطأ!!

الفاشل في حياته إنما هو حلقة من حلقات سلسلة الفشل الذي بدأ من البيت عادة!!

العنف الكره الحقد الإجرام.. سلوكيات إنما هي سلسلة تربية نفسية وسلوكية تميّز في صناعتها الأبوان من قبل!!

ومن أجل أن نعزّز التغيير الإيجابي في سلوك أبنائنا لابد أن ندرك بوعي أسلوب التصويب الإيجابي للطفل.

كان صلى الله عليه وسلم مرة جالسا على طعام فدخل غلام فجلس وكادت يده أن تطيش في الصحفة، فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم بيده وقال له في رحمة وحنان: «يا غلام: سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك»!!

إن الإيجابيّة في التصويب تعني: تشكيل الوعي عند الطفل الذي يؤثر على سلوكه، ولهذه الإيجابية مظاهر منها:

1= تبيين الخطأ بأسلوب مقنع غير جارح:

ليتك -أيها القارئ الكريم- تلحظ معي تصرّفه صلى الله عليه وسلم مع هذا الغلام حين أمسك الرسول صلى الله عليه وسلم بيده يمنعه في إشارة لطيفة حكيمة إلى خطأ هذا الفعل!!

وكأني به صلى الله عليه وسلم -بأبي هو وأمي- يمسك يد هذا الغلام في هدوء ورفق، ليهيئ نفسيّة هذا الغلام لتقبّل ما يأتيه من توجيه، إن طفلي وطفلك يحتاج أن يفهم حين يخطئ أن الفعل الذي صدر منه فعل خاطئ.

2= التعليق على السلوك لا التعليق على الشخص:

لا تصف طفلك بأنه غبي أو لا يفهم أو كم مرة أعلم فيك وأنت...!!

ونحو هذه العبارات واللواذع التي تكسر الإناء الممتلئ ماءً صافياً!!!

إنك حين تنصرف في توجيهك إلى التعليق على شخصية الطفل فأنت بذلك إنما تكرّس العجز والفشل عن الطفل، وبذلك تكون قد أحسنت في إخراج جيل فاشل مهزوم النفسية لا يستطيع أن يتحمّل المسؤولية!!

عندما يخطئ ابنك أو ابنتك لا تبيّن له أنه غير قادر على تجاوز خطأه، بل أشعره أنك مستعدّ لمساعدته وتجاوز خطأه ثم.. اترك له مساحة للتجربة والمحاولة!!

3= التوجيه العملي الإيجابي:

فبدل من أن تقول لطفلك: لا ترمي الكتب، قل له: الكتب مكانها الرفّ!!

وبدل أن تقول له: لا تبك كلما أردت شيئاً.. قل له: يعجبني أنك تتصرف كالرجال ولا تبك كلما أردت شيئاً!!

وهكذا تنتقل بالطفل نقلة سلوكية عملية إيجابية بدلاً من التوجيهات السلبية التي تنبيء عن التعنيف والزجر والتي تثير عناد الأطفال!!

4= التعليل المنطقي:

إن إلقاء الأوامر المباشرة للطفل قد تولّد عنده روح العناد والمقاومة، ولذلك فإن شرح الأمر للطفل ووضعه في إطار منطقيٍّ يتناسب مع مستوى الطفل، ويبعث في نفسيّة الطفل روح التعاون والإستجابة الواعية.

إنك حين تقول لطفلك احفظ دروسك أو اذهب إلى المدرسة أو نحو ذلك قد لا تعطيك هذه الأوامر نتيجة مرضيّة بمثل ما لو قلت له: لابد أن تحفظ دروسك وإلاً تميّز عليك أقرانك.. امتناعك عن الذهاب للمدرسة يصنع منك إنساناً فاشلاً....

وهكذا بإطار منطقيً يتناسب مع مستوى التفكير عند طفلك.. ربما يتمنّع حتى مع هذا الشرح المنطقي هنا تحتاج أن تشارك طفلك، وأن تساعده كأنك تقول له لنتسابق من يحفظ الدرس أولاً..!!

5= المكافأة بلا وعد!

حين يطيعك طفلك..

أحضنه..

قبّله..

أشد به بين إخوانه وأقرانه..

أو ابتكر طريقة محببة للطفل للدعم والتّعزيز.

إن المكافأة من شأنها السيطرة على سلوك الطفل وتطويره وهي أيضا وسيلة هامة في خلق الحماس ورفع المعنويات وتنمية الثقة بالذات -حتى عند الكبار أيضا- لأنها تعكس معنى القبول الإجتماعي الذي هو جزء من الصحة النفسية.

وفرق بين أن نكافئه على سلوك حسن وبين أن نعده بالمكافأة لو أنه كان هادئاً أو ترك الصّراخ.. لأن مثل هذا الوعد يربط بين المكافأة والسّلوك.

إنك كلما عاملت طفلك بإحترام وصبر.. وكنت متفهّماً لطبيعته مشاركاً له.. ستجد أنه كلما كبر أصبح أكثر تعاوناً وأشد براً.!!

ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين.

الكاتب: أ. منير فرحان الصالح.

المصدر: موقع المستشار.